تحولت شوارع دبي، التي لطالما كانت بمثابة سيمفونية من الكفاءة العالية، إلى تذكير صارخ بمخاطر التفاخر المفرط خلال احتفالات اليوم الوطني الرابع والخمسين لدولة الإمارات العربية المتحدة. ففي حملة صارمة، صادرت شرطة دبي 49 مركبة و25 دراجة نارية، وحررت 3153 مخالفة مرورية خلال فترة العيد، مؤكدةً بذلك موقف الإمارة الراسخ بعدم التسامح مطلقًا مع سلوكيات المرور المتهورة التي تهدد السلامة العامة.
وكانت المخالفات، التي تركزت خلال احتفالات 2-3 ديسمبر بمناسبة توحيد الإمارات عام 1971، ناجمة بشكل رئيسي عن استغلال السائقين الشباب للأجواء الاحتفالية في تصرفات خطيرة. وقد استدعت الأعمال البهلوانية غير القانونية، والسباقات غير المصرح بها، والمناورات المشاغبة في الأحياء السكنية، إجراءات صارمة، حيث جابت دوريات الشرطة المناطق عالية الخطورة بيقظة عالية.
أكد العميد جمعة سالم بن سويدان، مدير الإدارة العامة للمرور، أن هذه الأفعال لا تُعرّض الأرواح للخطر فحسب، بل تتعارض أيضًا مع القيم الجوهرية للوحدة والمسؤولية الإماراتية. وقال: “هذه الحوادث تتناقض مع روح الفخر الوطني”، مؤكدًا أن الأعياد مناسبة للاحتفال لا للفوضى.
ووثقت لقطات نشرتها السلطات جرأة المخالفين: سيارات مُعدّلة تنجرف في الشوارع المزدحمة، ودراجات نارية تتلوى بشكل خطير بالقرب من المشاة، ومركبات مُجهزة بتعديلات مُعيقة مثل أبواق الضغط وكواتم الصوت المُعدّلة.
ومن الحالات الصارخة بشكل خاص، قيام مجموعة من المراهقين بالانحناء من سقف سياراتهم وإخفاء لوحات الترخيص بملصقات احتفالية – وهي سلوكيات محظورة صراحةً، وتُقابل الآن بمصادرة فورية للمركبات. وفي المجمل، استهدفت عمليات الحجز 74 مركبة، العديد منها سيارات مستوردة عالية الأداء تحظى بشعبية بين مُحبي الإثارة.
يعتمد تطبيق هذا العام على نمط من الإجراءات المتصاعدة خلال الفعاليات الكبرى. لطالما حذّرت حملات السلامة المرورية في دبي من المخالفات الناجمة عن العطلات، لكن ارتفاع المخالفات في اليوم الوطني – بنسبة 15% مقارنةً بـ 2700 مخالفة في عام 2024 – يُشير إلى تحدٍّ متزايد في ظلّ ازدهار التركيبة السكانية الشبابية في الإمارة. مع أكثر من 3.8 مليون نسمة وملايين الزوار، تتعامل الطرق مع أعداد غير مسبوقة من المركبات، تُضخّمها المسيرات الاحتفالية وعروض الألعاب النارية التي تجذب الحشود إلى أماكن حيوية مثل شارع الشيخ زايد وشارع الخيل.
عزت الشرطة جزءًا كبيرًا من هذا الارتفاع إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تحصد مقاطع الفيديو الفيروسية للحركات البهلوانية مشاهداتٍ كبيرة، لكنها تُثير عواقب وخيمة في الواقع. وحثّ العميد بن سويدان، داعيًا إلى حوارات عائلية حول آداب المرور، قائلاً: “يجب على الآباء توجيه أطفالهم نحو التعبير الآمن عن الفرح”. من المقرر تكثيف الحملات التثقيفية، بما في ذلك ورش العمل المدرسية والتنبيهات عبر التطبيقات، بالشراكة مع المؤثرين لإعادة صياغة الاحتفالات كفعاليات لبناء المجتمع بدلاً من كونها مخاطر مُحفّزة للإثارة.
يتجلى نجاح العملية في الأرقام: فقد فُرضت غرامات بملايين الدراهم، وواجه المخالفون المتكررون تعليق رخص القيادة ودورات سلامة إلزامية. لعبت أنظمة المرور الذكية في دبي – كاميرات الذكاء الاصطناعي ومراقبة الطائرات بدون طيار – دورًا محوريًا، حيث اكتشفت 40% من المخالفات في الوقت الفعلي. ومع انقشاع غبار عيد الاتحاد، تتردد الرسالة: البنية التحتية عالمية المستوى في دبي تتطلب الاحترام، مما يضمن أن يكون الفخر الوطني محركًا للتقدم، لا للتهديد.
وبالنظر إلى المستقبل، تتعهد السلطات بتطبيق بروتوكولات أكثر صرامة للمناسبات القادمة مثل ليلة رأس السنة، تمزج بين حرية الاحتفال والأمن الصارم. في مدينة يلتقي فيها الابتكار بالتقاليد، تؤكد هذه الحملة التزام دبي بمستقبل تنتهي فيه كل رحلة بسلام إلى الوطن.