تألق أفق دبي تحت أشعة شمس أواخر أكتوبر الذهبية، حيث تجمع الآلاف في حديقة زعبيل صباح هذا السبت المنعش، مُعلنين بداية فصل نابض بالحياة في نسيج المدينة متعدد الثقافات. لم يكن يوم 26 أكتوبر 2025 مجرد يوم آخر في هذه المدينة الصحراوية، بل كان بمثابة تكريم كبير للجالية الهندية، التي نسجت مساهماتها بعمق في نسيج دولة الإمارات العربية المتحدة. استقطب هذا الحدث، وهو عرض عام واسع النطاق نُظم برعاية السلطات المحلية، العائلات والمهنيين وكبار الشخصيات على حد سواء، محوّلاً الواحة الخضراء الشاسعة إلى مشهد متعدد الألوان والروائح والإيقاعات القادمة مباشرة من شبه القارة الهندية.
مع دقات الساعة الثانية عشرة ظهرًا، امتلأ الهواء بإيقاعات طبول الدهول الرنانة وأنغام أغاني بوليوود الشجية التي تردد صداها في جميع أنحاء الحديقة. تجوّل الحضور، مرتدين الساري البرّاق، والكورتا المقرمشة، والهينغا المطرّزة، بين الأكشاك الزاخرة بالسمبوسة، والشات، والجلابي، وكلّ لقمة منها تُذكّر بالوطن لأكثر من ثلاثة ملايين هنديّ يعتبرون الإمارات العربية المتحدة موطنهم الجديد. يأتي هذا الاحتفال في ختام مهرجان ديوالي، مهرجان الأضواء الذي أضاء دبي من 17 إلى 26 أكتوبر بالألعاب النارية، وحملات التسوق، والفعاليات الثقافية المبهرة. لكنّ تجمع اليوم ارتقى بالاحتفالات، مُكرّماً دور المجتمع في كلّ شيء، من بناء ناطحات السحاب إلى الابتكار التكنولوجي، مُؤكّداً بذلك على روح دبي في الوحدة والتنوع.
في قلب الحدث، وقف مسرحٌ شاهقٌ حيث قدّم فنانون من كيرالا إلى كشمير رقصاتٍ تقليدية مثل رقصة الغاربا المفعمة بالحيوية ورقصة الكاثاك الرشيقة. انطلق الأطفال بين المناطق التفاعلية، ووجوههم مرسومة بالحناء وعلت وجوههم الضحكات، بينما عرض الحرفيون تصاميم رانجولي معقدة باستخدام مساحيق ملونة شكلت زخارف ميمونة على الأرض. قالت بريا شارما، مهندسة برمجيات من مومباي تعيش في دبي منذ ثماني سنوات: “هذه ليست مجرد حفلة؛ إنها اعتراف عميق بالجهد والأحلام التي بذلناها في هذه المدينة”. عبّرت كلماتها عن المشاعر التي عمّت الحشد، حيث اختلط المغتربون مع المضيفين الإماراتيين، جاسّين الثقافات بابتسامات وقصص مشتركة.
إن احتضان الإمارات العربية المتحدة لجاليتها الهندية في الخارج ليس بالأمر الجديد، لكن فعالية هذا العام كانت مؤثرة بشكل خاص في ظل التحولات العالمية نحو التأمل في الهجرة والهوية. مع ازدهار الاقتصاد الهندي وتعزيز العلاقات الثنائية من خلال صفقات تجارية بمليارات الدولارات، نمت القوى العاملة الهندية في الإمارات بشكل كبير، مما ساهم في دعم قطاعات متنوعة من العقارات إلى الرعاية الصحية. ومع ذلك، كانت وراء الاحتفالات إشارات خفية إلى التحديات – ساعات العمل الطويلة، وانفصال الأسرة، والسعي لتحقيق التوازن بين العمل والحياة في مركز سريع الخطى مثل دبي. تناول المنظمون هذا من خلال دمج ورش عمل العافية في اليوغا واليقظة، بقيادة خبراء يمزجون ممارسات الأيورفيدا القديمة مع تقنيات تخفيف التوتر الحديثة المصممة خصيصًا للبدو الرحل في المناطق الحضرية.
مع تقدم فترة ما بعد الظهر، تحول البرنامج إلى تكريمات صادقة. صعد القادة المحليون إلى المنصة، وأشادوا بمرونة المجتمع وابتكاره. سلط أحد المتحدثين الضوء على كيفية إطلاق رواد الأعمال الهنود لشركات ناشئة في المناطق الحرة بدبي، وتحويل الأفكار إلى مشاريع توظف الآلاف. تدفقت القصص: ممرضة من دلهي قادت حملة تطعيم خلال الوباء، وطاهٍ من البنجاب زين مطبخه المختلط قوائم الطعام الحائزة على نجمة ميشلان، ومهندس معماري شاب من بنغالور يصمم أبراجًا مستدامة تنتشر في نخلة جميرا. لم تكن هذه الروايات مجرد حكايات؛ لقد رسموا صورةً لمجتمعٍ لا غنى عنه في مسيرة دبي نحو العالمية.
أضفت العناصر التفاعلية حيويةً مُلهمة. قدمت عجلة فيريس ضخمة، مُضاءة بمصابيح LED، إطلالاتٍ بانورامية على الحديقة وما وراءها، وصولاً إلى برج خليفة البعيد الذي يخترق السماء كإبرة فضية. في الأسفل، قدمت شاحنات الطعام أطباقًا محلية مميزة – كاري أندرا الحار إلى جانب ثالي سمك غواني خفيف – بينما عرض سوقٌ مؤقتٌ حرفًا يدويةً من مطبوعات جايبور الحجرية إلى مجوهرات الطين في كولكاتا. أما بالنسبة للشباب المُلِمّ بالتكنولوجيا، فقد نقلت تجارب الواقع الافتراضي المشاركين إلى تاج محل الافتراضي، جامعةً بين التراث وأجواء دبي المُستقبلية.
ساد الوعي البيئي، وهو حجر الزاوية في مبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة، طوال اليوم. زُيّنت القاعة بزخارف صديقة للبيئة مصنوعة من مواد مُعاد تدويرها، ودعت حملة غرس الأشجار الحضور إلى المساهمة في “بستان التراث”، الذي يرمز إلى الجذور التي تتجذر في تربة جديدة. لاقت هذه اللمسة الخضراء صدىً عميقًا، في ظلّ تفاقم آثار تغيّر المناخ في المنطقة، وجهود قادة دبي الدؤوبة لتحقيق التمدن المستدام. غرست عائلة من غوجارات شتلة معًا، وقال الأب مازحًا: “كما زرعنا حياتنا هنا – قوية، صامدة، وتنمو عامًا بعد عام”.
مع حلول المساء، ومع غروب الشمس، تزايد عدد الحضور لحضور الحفل الختامي: حفل موسيقي يضمّ فنانين هنود صاعدين يمزجون بين موسيقى الراغا الكلاسيكية والإيقاعات المعاصرة. انطلقت الألعاب النارية في رشقات متزامنة، محاكيةً أجواء المهرجان.